12 يونيو، 2020
الحوار الجزائرية
أراء مساهمات

الجمهورية الجديدة.. ودسترة حظر خطاب الكراهية والتمييز

تعايش الأفكار…
الجمهورية الجديدة.. ودسترة حظر خطاب الكراهية والتمييز

الأستاذ: يوسف مشرية/خبير الجماعات الإسلامية ومكافحة التطرف
كم استبشرت خيرا حينما وجدت ضمن مسودة مشروع الدستور الجديد للجزائر الجديدة، جزائر التعايش والحوار التي يحلم بها الجميع، مقترحا ينص على دسترة حظر خطاب الكراهية والتمييز… وكم تعجبت لوجود الجدل قائما في الوسائط الاجتماعية حول تعريف ماهية خطاب الكراهية؟
ولاحظت ان كل أيديولوجية و مدرسة فكرية تفسر الخطاب وفق منظورها الفلسفي…وترمي المخالف لها انه يمارس خطاب الكراهية..!!!.
أعتقد ان خطاب الكراهية الشائع والمنتشر في الجزائر الآن هو كل خطاب يُحرّض على العنف أو يُمَهِّد لبيئة الفتنة ويحدث خللاً وشرخا في الأمن الفكري والنفسي والمجتمعي… وينتج عنه انقسام النسق الاجتماعي…
ويمكن أيضأ أنّ يُعَرّف خطاب الكراهية بأنّه العنف اللفظي وتعبيرات القدح الاستعلائية والخطاب المصحوب بالإقصاء. المنطلق من الخطاب الدُّوني، والكُره البيّن والتعصّب الفكري الأيديولوجي أو التمييز العنصري….
ويعتبر خطاب الكراهية ظاهرةً اجتماعية وسياسية واتصالية معقدة ومركبة، تفاقمت وتنامت بشدة بالتزامن مع الحراك الشعبي المبارك الذي أسقط رموز الفساد في النظام السابق، الذي كرس الأحادية الفكرية… وانتشرت خاصة عبر الإعلام الموازي… سواء الفيسبوك
أو اليوتيوب وغيرها من شبكات التواصل الاجتماعي.. فهذا الفضاء الإلكتروني الذي خلق حريّة مطلقة بلا ضوابط أخلاقيّة وقوانين رادعة، جعل أبواب تلك المواقع مُشرعةً وتتّسع لِكُلّ من يغذّي الكراهية المتخمة بالحقد على الآخر، وبطريقة مباشرة أو غير مباشرة أصبح الفضاء الاجتماعي والثقافي مُهَيّئاً لانتشار خطاب الكراهية بين الخصوم والفرقاء.
وأصبح خطاب الكراهية هو الوسيلة الأولى من وسائل الاستقطاب السياسي والتعبير عن معارضة المخالف… ولو على حساب القيم الإنسانية التي أبقت لحمة المجتمع لزمن بعيد…!!!.
إن تصاعد موجة التطرف الأيديولوجي والراديكالية الفكرية ممثلة في انتشار خطاب الكراهية والتحريض على العنف والتمييز عبر شبكات التواصل الاجتماعي في الفترة الأخيرة هو ما شجع الدولة على إصدار قوانين تجرم هذا.. مما يعد خطوة إيجابية لردع المخالفين ومرضى النفوس الذين انغرست فيهم ثقافة الحقد والكراهية والانتقام من الاخر..!!! خاصة أن الجزائر خرجت من تجربة مريرة بعد عشرية سوداء أتت على الأخضر واليابس، وكانت ثمرة لخطاب اليمين المتطرف بكل تياراته الأيديولوجية.. ووجود القابلية لاحتضان هذا الخطاب في عقلية من يدعي ملكية الحقيقة المطلقة…!!!
إن قاموس الكراهية المملوء بعبارات السب والقذف والشتم والتجريح والتكفير والتفسيق والتضليل والإساءة والازدراء… و…!!!! تمتلء بها صفحات الفايسبوك في إلصاق التهم والتجريم على المخالف وتوزيع صكوك الغفران على كل الموافق… لخطها الراديكالي الذي أنشئت لأجله… وكان آخرها وفاة الفنان الجزائري القبائلي الراحل (إيدير) رحمه الله الذي كان رمزا للفن الأصيل المتسامح الذي ينشر قيم السلام وحب الوطن. صدمت حينما شاهدت صفحات افتراضية لنخب دينية وفكرية و… تناقش وتتجادل حول الراحل رحمه الله ان كان مسلما او غير مسلم… ومشروعية الترحم والاستغفار له..!!!
لقد آن الأوان للصدمة الإيجابية التي تكشف عمق الواقع عن حقيقة…!!! ان وصول أي مجتمع للأمن الفكري والسكينة والاستقرار عليه ان يقبل بالاختلاف مع الآخر ويتعايش معه..

مقالات متشابهة