23 يونيو، 2020
الحوار الجزائرية
أراء مساهمات

العلبة السوداء : العوامل البشرية في صيانة الطائرات

العوامل البشرية في صيانة الطائرات

في دراسات الطيران المتعلقة بالعوامل البشرية، كان التركيز تقليديا على أطقم الطيران وبدرجة أقل على مراقبي الحركة الجوية. وقد أولي اهتمام أقل بكثير لنفس العوامل البشرية التي تؤثر على أداء فنيي صيانة الطائرات. وأثناء تصميم الطائرات، يولى الاهتمام للاعتبارات المريحة اللازمة لتحسين بيئة العمل للطيارين (مما يقلل من خطر الأخطاء في قمرة القيادة) ولكن حتى وقت ليس ببعيد، لم يول اهتمام يذكر للاعتبارات المريحة التي من شأنها أن تقلل من خطر وقوع أخطاء من جانب فنيي صيانة الطائرات.

في بعض النواحي هذا أمر مفهوم لأنه عندما يقوم طيار أو مراقب حركة جوية بارتكاب خطأ ، تكون العواقب السلبية واضحةعلى الفور عادة ومع ذلك عندما يرتكبفنيي الصيانة خطأ قدلا تصبح العواقب السلبية واضحة لأسابيع أو أشهر أو حتى سنوات.

وتولد الأخطاء التي يقوم فنيي الصيانة ظروفاً كامنة غير آمنةالتي قد تكون نائمة لعدة أشهر (أو حتى سنوات) قبل الظهور، وربما بالاشتراك مع عامل اخر غير آمن أو حالة أخرى غير آمنة ، تكون سببا للحوادث، مثل نسيان تثبيت الألواح أو عدم رؤية او اكتشاف الشقوق، و نظراً للتأخير الزمني للعواقب، يكاد يكون من المستحيل في كثير من الحالات إعادة بناء السياق الفعلي وظروف التشغيل التي ارتكبت بموجبها هذه الأخطاء وبدون أي وسيلة ما يعادل مسجلات الطيران للمساعدة في إعادة بناء الأحداث الفعلية المحيطة بأخطاء الصيانة فانه لا تتوفر سوى بيانات فنية قليلة لتطوير فهم العوامل البشرية في صيانة الطائرات.

إن نطاق أخطاء الصيانة التي قد تؤدي إلى كوارث الطيران كبير. وتشكل عدة حوادث طيران كبرى تذكيرا حيا بضعفسلامة الطيران أمام أخطاء الصيانة. ففي عام 1979ادى إجراءغير معتمدلتغيير محرك طائرة ديسي 10DC، حيث تمت إزالة المحرك ومثبته ثم تركيبها كوحدة، الى فصل أحد المحركات المثبتة على الجناح أثناء الإقلاع و تسببت الأضرار الجانبية التي لحقت بالنظام الهيدروليكي إلى فقدان السيطرة على الطائرة وتدميرها وهلاك جميع من كانوا على متنها.

في عام 1985، انفجرتلوحة مؤخرة المقصورة بعد ان تم إصلاحها بشكل غير صحيح على طائرة بوينغ 747 مما تسبب في تعطل نظام التحكم وتدمير الطائرة ووقوع خسائر كبيرة في الأرواح. في عام 1988، لم يتم اكتشاف شقوق في طائرة بوينغ 737مما أدى إلى فشل هيكلي في جسم الطائرة العلوي. وتم هبوط آمن للطائرة ولكن أصيب مسافر واحد إصابة قاتلة.

ينطوي كل حادث من هذه الحوادث علىإخفاقات الأفراد في القيام بالمهام المسندة إليهم بكفاءة. بل إن كل منها يدل على ظروف عميقة الجذور أو نظامية غير آمنة داخل منظمات الصيانة المعنية.

وفيمارس 1989، تحطمت طائرة من طراز فوكر28ꓝفي كندا، وهي تقلع. ودرست لجنة التحقيق بصورة منهجية العوامل المساهمة المحتملة التي تتجاوز بكثير السبب المباشر للحادث (أي أن الطاقم حاول الإقلاع بأجنحة ملوثة بالجليد). حيثاظهر التحقيق مشاكل نظامية على مستوىفرع الصيانة الخاصة بالشركة.

ففي تدقيق عن الأداء البشري في مجال الصيانة، حُدد العديد من العوامل التي قد تؤدي الى إمكانية تراجع قدرة فنيي صيانة الطائرات على أداء واجباتهم بأمان وفعالية ومنها : 1.فجوة فياسلوب التواصل2. الضغط في العمل 3. الرضا عن النفس و الثقة المفرطة4. عدم الحزم 5. نقص في المعرفة مرتبطة بالتدريب و المؤهلات6. الهاء 7. نقص في الوعي 8. عدم وجود عمل جماعي 9. ظروف ومكان العمل 10. التعب 11. نقص الموارد 12. فعالية الاجراءات و المعايير.

ويمكن لهذه الأنواع من المشاكل أن تعني تقريبا كل مستوى من مستويات نشاط صيانة الطائرات بدءا بالشركة المصنعة للطائرات أو المكونات، مرورا بالصيانة اليومية، وأنشطة الإصلاح في مؤسسات الصيانة المعتمدة. كما يمكن العثور عليها أيضا في عمليات التفتيش، وكذلك أثناء برامج تعديل الطائرات من أجل التحسينات أو التحويلات.

لذا يجب تركيز الاهتمام على كيفية إدارة هذه المشاكل بشكل أفضل للحد من عدد الأخطاء والتخفيف من آثار الأخطاء المتبقية كون الأداء المستمر لفنيي صيانة الطائرات الذين يقومون بتفتيش الطائرات وإصلاحها أمر حيوي لسلامة الطيران.

مقالات متشابهة