23 سبتمبر، 2020
الحوار الجزائرية
وطني

الإعلام هو رسالة و قضية يجب أن تقترن بالعمل الإنساني

في الجزء الأول من الحوار ذكرت لنا الإعلامية و الكاتبة ليا أن سبب الأزمات التي يعيشها لبنان هو أطماع الغير فيه , كما ذكرت أن الشعب اللبناني بات يملك وعيا حول قضية الطوائف و هو يسعى للالتفات حول نفسه مانعا التدخلات الأجنبية في قضاياه و التي من شأنها أن تشعل نار الفتن و تدخله في دوامة المجهول.كما كانت قد تحدثت عن قصتها الشخصية مع محافظة عكار التي ساهمت في شكل كبير في تكوين شخصيتها.

_ نعود إليك الإعلامية ليا, ما سر هدوئك وثقتك بنفسك؟

إذا لم يملك الإعلامي قلبا نقيا وقلما يسطر لإنسانية الآخر فهو ليس إعلاميا بل مجرد أداة وآلة ترصد الوقائع كما هي، وبالتالي بالنسبة إلي فان هذا الأمر مرفوض جملة وتفصيلا لأن الهدوء والثقة بالنفس المطعمان بالإنسانية يرفعان الإنسان ولا سيما الإعلامي إلى سلم الإنسانية. و إذا ما أردت أن أكشف سر تواضعي وثقتي بنفسي فهذا ليس سرا بل هي فضائل حثتنا على التمسك بها التعاليم السماوية والسلوك والآداب الاجتماعية التي تنشئنا عليها. وبالنسبة لشخصي الغير المستحق لقد اكتسبت ثقتي من محبتي الناس وثقتهم بعملي، اكتسبت الثقة من الإنسان الفقير والموجوع والمتروك و المهمش، اكتسبتها من الأطفال المتروكين المهمشين، اكتسبتها من خلال القضايا والبرامج التي تناولتها في عملي الإعلامي بعيدا عن التفرقة. وهنا يجدر بنا التوضيح أن الثقة والهدوء عاملين أساسيين في نجاح أي صحفي الذي يجب عليه اعتلاء المنبر بطريقة هادئة محببة إلى قلوب المتابعين والمشاهدين كما يستطيع إيصال كل ما يبتغي من وراء كل برنامج أو قضية يتناولها. كما أن الثقة بالنفس تجعل الإعلامي محط أنظار المشاهدين الذين هم بدورهم يتعطشون إلى عيش الهدوء والسكينة وسط عالم يتخبط بالصراعات و الأزمات والتحديات. وبالتالي فان الهدوء والثقة بالنسبة إلي هما فضائل يجب على كل إنسان أن يتمتع بهما لكي يصل إلى النجاح ويدخل قلوب الناس.

_ رغم  تواجدك في الإعلام , إلا أن الأمر لم يمنعك من التأسيس لأسرة,كيف استطعت التوفيق بين طموحاتك و أسرتك؟

مهما حقق الإنسان نجاحات ومهما علا شأنه إلى أن ذلك لا يغنيه عن فكرة تأسيس عائلة و إنجاب أطفال لأن العائلة هي أساس  المجتمع وما أجمل أن يغتني ذاك المدماك بأطفال ينطقون بأجمل عبارة” يا أمي”. نعم لقد قررت أن أتزوج وأؤسس لأسرة وذلك بالتنسيق بين العائلة والعمل. وبالرغم من كل السفارات والغياب الطويل عن أولادي” بولس و ميشالا” إلا أنني لم أقصر بأي شيء في التزاماتي وواجباتي العائلية  تجاه أسرتي. فهناك سلم صعدته رويدا رويدا وهنا أجندة وبرنامج عمل منظم استطعت من خلالهم أن أوفق بين عملي وأسرتي. نعم حققت نجاحات وحظيت بتكريمات دولية وشاركت بمؤتمرات دولية ولكن كل ذلك لا يقارن بأهمية ونجاح تكوين أسرة و إنجاب أطفال ولا بديل عنهما مهما علت النجاحات. العائلة هي السند والملجأ والحضن الدافئ.

_ليا تعتبرين طموحة و دائما تفاجئين الغير بانجازات جديدة, بعد الإعلام و الكتابة , ماهية طموحاتك الأخرى؟

إن الإنسان الذي لا يتمتع بالطموح هو إنسان محدود الرؤية، إن الإنسان الذي يكتفي بما وصل إليه من نجاحات هو إنسان ليس ناجحا، ومن هنا أقول:” بالنسبة إلي إن نجاحاتي التي حققتها ليست كافية والشهادات التي نلتها ليست كافية، و التكريمات الدولية و الإعلامية ليست كافية، فأنني أطمح إلى تحقيق العديد من الأفكار من أبرزها التقدم أكثر في العمل الإعلامي وان أتابع التخصص في بعض الاختصاصات الجامعية وأتابع رسائل الدكتوراه التي يجب أن أنهيها قريبا ، كما أنني على وشك إنهاء كتابي الثاني الذي سأصدره في مطلع العام المقبل بعدما أنهيت المؤلف الأول الذي أخذ حيزا مهما وبات مادة تدريس في الجامعات تحت عنوان” الدولة الحديثة لمواجهة العولمة النيوليبرالية”  واحتفلت بتوقيعه في العام 2008 كما أنني اطمع للدخول أكثر في المنظمات الدولية التي تعنى بالقضايا الإنسانية والاجتماعية التي تسعى إلى بلسمة الإنسان وتضميد جراحاته. وبالتالي الطموح كبير ويجب أن نثابر وان لا نتعب أو نيأس لكي نصل إلى تحقيق كل ما نريد.

_ ما ذا تعني لك البساطة؟

لقد تربيت في عائلة قائمة على البساطة، تربيت و ترعرت تحت سقف منطقة افتخر بها لأن شعبها هو شعب بسيط ومتواضع، البساطة بالنسبة إلي هي جوهر الإنسان، لا أنظر إلى الآخر والى كمالياته، لم أكترث يوما إلى مزايا الحياة وكل ما هو فاني، أحب أن أظهر دائما كما أنا وان أتمتع ببساطة العيش التي تشعرني بالفرح والاطمئنان والسعادة الحقيقية فماذا لو ربحت كل شيء وخسرت نفسي؟ البساطة هي جوهر الإنسان التي تصقله إلى سلم القيم وتكسبه محبة الآخرين.

_ الإنسان و الإنسانية؟

من المؤسف أن إنسان اليوم ضاعت إنسانيته وسط الحروب و الألم، ضاعت إنسانيته في عالم المادة والاستغلال، وبتنا نشهد في مجتمعنا لآفات اجتماعية تهدد كيانه وتفتك بعائلاته وهذا ما يتطلب مني ومن كل شخص يؤمن بأنسنة الإنسان أن يساعد ولو بكلمة أو موقف معين هؤلاء الذين قست عليهم الظروف لكي تبقى للإنسانية مكانتها ولكي تتحقق حقوق الإنسان كما يجب أن تكون وتبقى مصانة.

_ الجمال في كلمات؟

الجمال هو عطية من الرب، وبالنسبة إلي الجمال هو جمال الخلق والأدب والمسلك، الجمال هو جمال الروح والفكر، ليس لدي سر معين في جمالي الذاتي، فهذه أنا كما خلقني الله ، انأ لست من النساء اللواتي يعملن على تجميل أنفسهن كما نرى اليوم في مجتمعنا، لأنني اعتبر أن لا جمال فوق الجمال المعطى من الله انه الجمال الحقيقي، فالجمال الخارجي يزول في حين الجمال الداخلي هو الأسمى ومن هنا أؤكد أن سر جمالي يتجلي في ابتعادي عن عالم التجميل الذي ينهمك فيه البشر والإبقاء على جمالي الطبيعي كما أنا وليس كما يريدون الناس أن أكون.

_رسالتك عبر جريدة الحوار؟

في الختام، لا يسعني سوى أن اشكر الله على كل النعم  الذي يعطينا إياها، كما أنني أشكر والدتي التي تعبت من أجلي وربتني على القيم والأخلاق وهذا ما أحمله اليوم إلى أولادي، كما أنني اشكر كل من عملت معهم في مجال الصحافة و الإعلام ولا سيما إدارة التلفزيون الذي أعمل فيه وهو تلفزيون” تيلي لوميار ونورسات” التلفزيون الرائد في عالم الإنسانية والمحبة، أشكر كل أصدقائي ومحبي برامجي و تغطياتي الإعلامية وأتمنى أن ابقي موضع ثقة بالنسبة إليهم. كما أنني أتوجه بالشكر إلى جريدكم الموقرة التي اختارتني لأتحدث ببساطة القلب والرؤية لكل ما عشته وسأعيشه. و أتمنى أن تزول السحابة الداكنة عن شرقنا الأليم أن يعود كل مهجر ومخطوف وموجوع إلى دياره وان يتحقق السلام الداخلي والخارجي في سائر المجتمعات والدول.

حاورتها: سارة بنة

مقالات متشابهة