18 يونيو، 2020
الحوار الجزائرية
اخبار هامة

مجهولو النسب .. دعونا نعيش !

تزول،لا أحد من مجهولي النسب يمكنه أن يواجه المجتمع ولا يمكن للبعض الآخر حتى مواجهة أنفسهم وتخطي وضعه كمواطن درجة ثانية أوغير مصنف إطلاقا ولكن بعضهم فضّل المغامرة ودخول رهان مع الحياة.

سهام حواس

اختار عدد من مجهولي النسب في الجزائر أن يؤسسوا لميلاد جمعية وطنية تضم عددا من مجهولي النسب من مختلف الولايات لإسماع كلمتهم، مهمتها البحث عن “رأس الخيط ” عن حقيقتهم، والمطالبة بحقوقهم كمواطنين عاديين. محمد فضيل مقران صاحب الفكرة، شاب وجد نفسه مجبرا على البحث عن حقيقته في وقت يفضل كل الشباب التفكير في المستقبل، يشغل بال فضيل ماضيه، فالمستقبل ليس مجهولا كثيرا بالنسبة له، فهو اليوم متزوج وأب لطفلين، يعيش في الجزائر العاصمة رفقة عائلته الصغيرة بعد فقدانه لوالديه الكفيلين. يقول فضيل إنه كان محظوظا عند عثوره على عائلة استطاعت أن تكفله كواحد من أبنائها، لكن شعور النقص ظل بداخله، فلا يمكن لأحد أن يعيش دون ماض وهو ما جعله يتصل بأكبر عدد ممكن من الأطفال مجهولي النسب الذين تحولوا اليوم إلى شباب يريدون معرفة ماضيهم والعودة إلى أول السطر، يقول فضيل إن فكرة تأسيس الجمعية راودته للم شمل الأطفال مجهولي النسب عبر الوطن والوصول إلى أكبر عدد منهم حتى يكون إطلاق صفة الجمعية الوطنية عليها  صفة حقيقية، حيث قرر فضيل الاتصال بمحامي لتقديم الأوراق القانونية التي تجعل الجمعية تنشط بصفة قانونية ويحق لها فيما بعد قبول انتساب أعضاء جدد لها والتكلم باسم الجميع، والعائق الوحيد الذي يقف في وجههم هو انعدام المقر الذي يأمل فضيل ومجموعة من أصدقائه أن يلقى حلا في القريب العاجل، وعن الجمعية يقول إنها كانت حلما راوده منذ مدة طويلة بعد أن لاحظ معاناة الكثير من مجهولي النسب وتحملهم المشاق ونظرات الاحتقار في طريقهم للبحث عن أمهاتهم الحقيقيات، حيث يصادف هؤلاء الشباب الكثير من المصاعب، بدءا بالمستشفى الذي ولدوا فيه مرورا بالميتم الذي تربوا فيه وانتهاء عند العائلات التي اعتنت بهم أو كفلتهم في طفولتهم ولم يكتشفوا أنهم بلا اسم إلا بعد بلوغهم سن الرشد، مراحل يشترك فيها الكثير من مجهولي النسب الذين يصطدمون عند استخراج الأوراق الثبوتية أنهم مواطنون غير مصنّفين لا يملكون شهادات ميلاد تشبه باقي الشهادات.

 

ماضي مجهول، مستقبل تائه

حكاية المغضوب عليهم بلا ذنب

 

لم يرثوا مالا ولا عقارات، ولا حتى  اسما ولقبا كما يحدث مع جميع الناس، بل ورثوا خطيئة التصقت بهم وحملوها رغما عنهم لأنهم فقط ولدوا في لحظة غاب فيها العقل وحضرت اللّذة، وأثمرت طفلا مرميا على حافة طريق، أو أمام بوابة مسجد، وفي أحسن الأحوال مسجلا على قائمة مجهولي النسب في مستشفى بعيد. يروي آمين، صاحب 27 سنة، أنه ولد ذات يوم في مدينة جنوبية لا يعرف لماذا اختارت أمه وضعه في تلك المدينة التي يتميز أهلها بامتلاكهم بشرة سمراء داكنة إلا أمين الذي ولد في تلك المدينة ببشرة بيضاء توحي بأنه ليس من سكانها الأصليين ولا والديه، كفلته إحدى العائلات هناك بعد تركه غير بعيد عن المستشفى في علبة كرتونية، كبر أمين وسط تلك العائلة والجيران الذين اختاروا له اسم أمين، أحس أنه مختلف عن العائلة وحتى نظرات أصدقاء والده الكفيل وسؤالهم الدائم من يكون هذا الطفل الأشقر؟ لم تكن تبارح خياله، لماذا أنا الأشقر الوحيد في العائلة بل في الحي وقد أكون في المدينة بأكملها، كبر أمين وعرف سر اختلاف العالم من حوله، لم يكن ابن العائلة بل طفل مجهول النسب تم الاعتناء به وتربيته رفقة باقي أبناء العائلة، صدمة الاكتشاف أدخلته في دوامة البحث عن والدته وأي خيط قد يوصله إليها، البعض أخبره أن والدته ربما تكون قد جاءت من إحدى الولايات الشمالية تركتك هنا وهربت، وهو التفسير الذي وجده أمين أكثر منطقية، لكن من أين يبدأ رحلة البحث وأغلب ولايات الوطن يسكنها ذوو البشرة البيضاء وحتى الشقر، من أين يبدأ؟ لم يجد الحل بعد. قصة أخرى لمجهول النسب يرويها كريم الذي تغيرت حياته بشكل جذري بعد أن قرر استخراج جواز سفر، يقول كريم أنه صدم عندما حاول استخراج شهادة ميلاد والده وجده لاستعمالهما في استخراج شهادة الجنسية، ليفاجأ باعتراف والدته بالتبني بأنه ابن مجهول النسب وقد تولت تربيته وكفالته بعد عجزها عن إنجاب طفل. يقول كريم إنه يحب والدته الثانية كثيرا لكنه لم يستطع أن يتحمّل وقع الصدمة بعد عجزه عن معرفة أصله وعائلته الحقيقية، يقول كريم إنه حاول البحث عن اسم والدته الحقيقية، لكنه وبعد أن تمكن من الحصول عليه لم يدر أي جهة ستساعده في رحلة البحث، ربما يقول ستفتح جمعية مجهولي النسب بوابة الأمل واسعة في وجه الأطفال مجهولي النسب الذين يملكون بعض المعلومات للوصول إلى أمهاتهم الحقيقيات .

 

 

الأمهات العازبات ضمن أكثر المتصلين

16 ألف اتصال عبر الرقم الأخضر لشبكة ندى في 2014

4000 ولادة سنويا .. والفاعل مجهول

أوضح عبد الرحمان عرعار، رئيس شبكة “ندى” لرعاية الأطفال، أن ارتفاع نسبة الأمهات العازبات في الجزائر راجع إلى غياب المرافقة والتوعية في وسط الشباب، مشيرا أنها مشكلة تتعلق بالتربية بالدرجة الأولى والتوعية والتثقيف الذي يفتقده شبابنا، مؤكدا أن الشبكة استقبلت عبر الرقم الأخضر “33 30” 16 ألف نداء سنة 2014، وكلها واردة من طرف أمهات مطلقات أونساء تعانين من مشاكل مادية واجتماعية وحتى من طرف الأمهات العازبات، وأكد عرعار على هامش منتدى يومية المجاهد، حول حقوق الطفل، أن هناك فراغا قانونيا فيما يتعلق بحماية المرأة التي لا يمكنها توفير الرعاية لطفلها، مشيرا إلى بلوغ عدد الأطفال مجهولي النسب رقم 4000 آلاف ولادة سنويا، وهو رقم كبير يجب الانتباه لكونه سببا في بروز مشاكل اجتماعية كبيرة مستقبلا، ودعا في الأخير إلى إصدار أحكام قانونية خاصة من أجل التكفل بالأطفال الذين ولدوا في الجبال خلال المأساة الوطن

 

الشيخ عبد الحفيظ سنوسي

“لا تزر وازرة وزر أخرى”

يقول الشيخ عبد الحفيظ سنوسي، إن رعاية الأطفال اللقطاء في الإسلام واجبة مصداقا لقوله تعالي: ”إن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم”، فهؤلاء الأطفال هم أيتام واليتيم أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم، في الحديث الشريف”أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة”، مشيرا إلى الوسطى والسبابة. ويشير الشيح سنوسي، عن دار الأرقم للفتوى، أن المهم بالنسبة إلى هؤلاء الأطفال هو ضرورة تمتعهم بكل الحقوق مثلهم مثل غيرهم دون إقصائهم، والتي يتصدرها الحق في الحياة والرعاية الصحية والتعليم وحق الكفالة ”على أن لا نحمّلهم مسؤولية ذنب لم يقترفوه، فلا أحد يحمل خطيئة أحد ولا جريرته، وفقا للآية الكريمة ” لا تزر وازرة وزر أخرى ”.

 

محمد شريف زرقين مناضل من أجل حقوق الطفل

حرام محاكمة مجهولي النسب

 

خرج من رحم لم يعرفه يوما ما، كسر حاجر الصمت في مجتمع لا يغفر الخطيئة واستطاع أن يُسمع صوت من لا صوت لهم، محمد شريف زرقين، الطفل المسعف أصبح رجلا ينادي بتحقيق المساواة وسن تشريعات تضمن لمجهولي النسب حقهم في العيش الكريم، ومحو صورة المنبوذ رقم واحد في المجتمع التي التصقت بهم.

حاورته سهام حواس

 

*كتابكم “دموع من رماد” هل هو نبذة عن حياة محمد شريف زرقين أم اختصار لوجع في مجتمع لا يغفر الخطيئة؟

كتابي” دموع من رماد “كان سيرة ذاتية وصرخة طفل أطلق عليه في يوم من الأيام لقب “مجهول النسب ” كما كان حصيلة لكفاح خضته في سبيل وضع تشريعات وقوانين تضمن للأطفال المسعفين الاندماج في المجتمع بصورة طبيعية كغيرهم من الأطفال. كتابي كان دعوة صريحة لمحاكمة المجتمع بدلا من محاكمة طفل مجهول النسب لا ذنب له ووقفة للدفاع عن براءة ظلمت يوما ما، وفهم حقيقي لحالة الأطفال دون أبوين وضعيتهم الاجتماعية والنفسية.

 

*هل تعتقد أن القوانين الحالية  كافية لحماية الأطفال المسعفين؟

القوانين الحالية غير كافية لحماية الطفل المسعف في الجزائر هناك فراغ كبير خاصة فيما يتعلق بالحماية النفسية والمتابعة الاجتماعية التي كان من الواجب توفرها لمرافقة هذه الشريحة في المجتمع، نعكف حاليا على تحسيس المجتمع بضرورة حماية وتقبل هؤلاء الأطفال وإدماجهم في المجتمع، كما نطالب بإدراج نصوص تشريعية ضمن القانون الخاص بحماية الطفولة تضمن اندماجهم الطبيعي في الحياة بصورة عادية مثلهم مثل باقي الأطفال بدلا من محاكمة الأطفال مجهولي النسب بلا سبب.

تشير الأرقام إلى ولادة 4 آلاف طفل مجهول النسب سنويا، هل تعتقد أنها أرقام صحيحة ؟

الأرقام التي يتم التصريح بها سنويا هي أرقام بعيدة جدا عن الواقع، ولا تبين العدد الفعلي للولادات خارج الزواج في الجزائر، خاصة وأن أغلبها تتم في سرية تامة نظرا لطبيعة المجتمع وعدم قبوله لمثل هذه العلاقات ورفضه التام لها، كما أن العديد منها يأخذ منحى أكثر خطورة كالإجهاض السري الذي تلجأ إليه الفتيات نتيجة الخوف الشديد من ردة فعل الأسرة، كما بدأت ظاهرة أخرى لا تقل خطورة عن الإجهاض في التنامي في السنوات القليلة الماضية، وهي المتاجرة بالأطفال مجهولي النسب حيث يتم بيعه لعائلات لا تستطيع الإنجاب أو يتم بيعه لأفراد يجهل بعدها تماما الوجهة التي يأخذ إليها الأطفال.

*وما هي أسباب التي تدفع إلى ولادة طفل خارج الأعراف في مجتمع محافظ ؟

السبب الأول والرئيسي في ظهور ولادات خارج إطار الزواج بالنسبة لي هو غياب التربية الجنسية خاصة لدى فئة المراهقين، أما بالنسبة للشباب فعدم استعمال وسائل منع الحمل وعدم الاحتراس من الوقوع فيه ساهم في ظهور أطفال مجهولي النسب وتنصل الرجل من مسؤولياته، والأخطر من هذا هو الإجراءات المتساهلة لعدد كبير من الفنادق والتي توفر لزبائنها الشباب الخلوة غير الشرعية لزيادة أرباحها، لكن جهل الشباب وانعدام المسؤولية فقليل من المتعة قد يجلب الكثير من المعاناة .

 

*ما هي الطرق الكفيلة التي تضمن العيش الكريم وتحسين اندماج مجهولي النسب في المجتمع؟

 

لا يمكننا أن نضمن تعايشا سليما بين الأطفال مجهولي النسب وغيرهم من الأطفال العاديين في المجتمع نظرا لوضعيتهم الحساسة وكذا خصوصية المجتمع الجزائري الذي لا يتسامح مع مثل هذه الأخطاء ويساوي الضحية بالجلاد، والطريقة الأنجع لضمان عيش كريم لهذه الفئة هي المطالبة بوضع    آليات وقوانين ملائمة لوضعهم، حيث تسمح لهم باكتساب صفات المواطن العادي وتمنحهم حقوقهم التي تساوي بينهم وبين المواطن العادي.

* حلم محمد شريف زرقين؟

حلم محمد شريف زرقين، هو رؤية مجتمع خال من التمييز خاصة التمييز بين الأطفال والأطفال، فالطفل يجب أن يلقى الرعاية التامة والحضن الدافئ سواء كان طفل شرعيا أو غير شرعي، لا يجب أن نحمل الطفل مسؤولية غلطة لم يكن طرفا فيها بل نتيجة لها.

 

 

 

 

مقالات متشابهة

1 comment

أمنية 1 يونيو، 2015 at 10:22

أريد الإرتباط بشخص من هذه الفئة شرط أن يكون انسانا صالحا تقيا
ويكون فوق الثلاثين

تعليق are closed.