20 سبتمبر، 2020
الحوار الجزائرية
الحدث

شبابيك صيغة حلال نموذج مالي مثمر

أئمة ومختصون في الصيرفة الإسلامية يؤكدون لـ “الحوار”:

نصيرة سيد علي

أكدت ثلة من الأئمة ورجال الدين والمختصين في المالية الإسلامية، في حديثهم لـ “الحوار” أن اعتماد الحكومة أول شباك يتعامل بصيغة حلال خطوة إيجابية لتطور المنظومة المصرفية في الجزائر، داعين الحكومة في الوقت ذاته إلى ضرورة شرح مقاصد الشرع الإسلامي للمتعاملين الاقتصاديين والمدخرين الجدد الذين انتظروا هذه الواجهة طويلا، لتتحقق اليوم وببنك رسمي لضمان استقطاب الأموال المكتنزة في البيوت، والاجتهاد في كيفية بناء الثقة بين المدخر الجزائري الذي يرفض التعامل بالربا بشباك الصناعة الإسلامية الذي اعتمد أمس بالبنك الوطني الجزائري كأول شباك تم فتحه.

 

نحو تعميم نظام المعاملات الإسلامية

هذا، ودعا أمس الوزير الأول، عبد العزيز جراد، لدى إعطائه إشارة انطلاق أول شباك يتعامل بنموذج المعاملات الإسلامية بالبنك الوطني الجزائري، إلى ضرورة إعادة عصرنة البنوك العمومية، وتعميم نظام الصيرفة الإسلامية، ورقمنة هذا القطاع. ويذكر أن بنك الجزائر رخص في 30 جويلية المنصرم، للبنك الوطني الجزائري تسويق 9 منتجات جديدة خاصة بالصيرفة الإسلامية، ويتعلق الأمر بحساب الصك الإسلامي، والحساب الجاري الإسلامي وحساب الادخار الإسلامي وحساب الادخار الإسلامي “الشباب” وحساب الاستثمار الإسلامي غير المقيد والمرابحة العقارية والمرابحة للتجهيز والمرابحة للسيارات والإجارة.

 

جبايلي: على الأئمة شرح المعاملات حلال ضمن خطابهم الديني

من جانبه، أوضح رئيس تطوير قطاع الأعمال بمصرف السلام، سفيان جبايلي في حديثه لـ “الحوار” أن الثقة بين المدخر والمصرف الإسلامي لا تبنى بين عشية وضحاها، بل هناك العديد من المحطات التي يجب أن نسير عليها حتى نصل إلى المستوى المرغوب، وهو جعل المتعامل يتوجه إلى الصناعة الإسلامية وهو مطمئن، ومن بين العوامل المساعدة في توطين هذا النموذج المالي الإسلامي في ذهنية ونفسية المدخر تنظيم حملات توعوية في الأماكن التي يؤمها الناس بكثرة على غرار المساجد، لأن الإمام الأقرب إلى المواطن، ويستطيع بث فيه روح التعامل مع المصارف المالية الإسلامية، من خلال شرحه للكيفية التي تعمل بها المعاملات المالية بصيغة حلال، لأن المواطن على ثقة كاملة بإمامه، مع أهمية تكوين الموظفين الذين هم على التعامل المباشر مع المتعاملين في المالية الإسلامية، عن طريق فتح دورات تكوينية مؤهلة للإلمام بكل ما يتعلق بهذا التطبيق، حتى لا يقعوا في إحراج أمام العملاء، وحتى لا يخلطون بين التعامل بمنطق الربا ونظيره الحلال وبالتالي نضمن ثقة العميل.

ومن أجل تعزيز عامل الثقة وكسب المواطن يقول سفيان، يجب المشاركة في جميع التظاهرات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية للاحتكاك أكثر بالمواطنين، وشرح لهم المفاهيم التي يروها غامضة في المنتجات الإسلامية التي ينتجها البنك أسوة بمصرف السلام الجزائر.

 

الإدريسي: يجب التركيز على شفافية المعاملات المالية الإسلامية

وفي السياق، قدم أستاذ الشريعة والقانون جامعة وهران، الدكتور بلخير طاهري الإدريسي في حديثه لـ “الحوار” العوامل الشرعية التي يجب على الحكومة التقيد بها في تعاملها مع المعاملات المالية الإسلامية، وضمان نجاح شباك الصناعة الإسلامية، وفي مقدمتها يقول بلخير طاهر الإدريسي وضوح المعاملة المالية من جهة الإجراءات، وكذا شفافية المعاملة الثلاثية بين الأطراف البنك والمقترض والمشروع، فضلا عن وجوب سلامة العقد المبرم من أي شبهة كالزيادة على المبلغ المقترض، على أن يكون القرض في أمر مشروع وحلال، مع ضرورة نشر تقرير مفصل ومؤصل عن طريقة التعامل من طرف البنك.

 

قسوم: شباك المعاملات حلال مكسب ديني

اعتبر رئيس جمعية العلماء المسلمين، الدكتور عبد الرزاق قسوم، فتح شباك لتسويق المنتجات الإسلامية بالبنك الوطني الجزائري، بالخطوة الإيجابية، مؤكدا أنها فرصة لاستقطاب الأموال الشاردة التي تتداول خارج إطارها القانوني، وقال قسوم في حديثه لـ “الحوار” إن الشعب الجزائر المجبول على الدين الإسلامي، يريد الحلول المبنية على مبادئ الشريعة الإسلامية في جميع معاملاته الأخلاقية والاجتماعية الثقافية، وتعاملاته الاقتصادية، سواء كان ذلك على المستوى الشخصي أو العملي، وهذا النموذج المالي الإسلامي الذي اعتمدته الحكومة في بنوكها التقليدية سيحقق كما قال الكثير من الأهداف، وفي طليعتها، التعامل بوضوح لإزالة كل أسباب الغش في المعاملات المالية الإسلامية، حتى لا يتلاعب بالأموال، الحيلولة دون تكديس الأموال في بنوك الربا ووضعها في شباك يقوم عملها على أحكام الشريعة الإسلامية السمحة، كما يندرج هذا النوع من المعاملات الذي يخضع للشرع الإسلامي ضمن العوامل المدعمة لتحقيق النمو للاقتصاد الوطني، وتوفير السيولة المالية التي تدور في الفضاءات المالية الفوضوية وإعادتها إلى حضنها الرسمي تسير وفق المنطق الإسلامي، مشيرا إلى أن مثل هكذا تعاملات مبنية على أسس شرعية هي في حد ذاتها امتثال لله تعالى الذي يطالبنا على أن تكون جميع معاملاتنا تسير وفق أحكام الدين الإسلامي.

 

            حجيمي: يجب استصدار قوانين جمهورية لحماية الهيئة الشرعية

وفي الإطار ذاته، أكد الأمين العام للتنسيقية الوطنية للأئمة وموظفي الشؤون الدينية، الشيخ جلول حجيمي في حديثه لـ ” الحوار” أن هيئته سبق وأن طالبت في السنوات الماضية الحكومات السابقة باعتماد النظام التعاملي المالي وفق أحكام الشريعة الإسلامية، وذلك من باب الحرية والديمقراطية في التعامل مع المعاملات المالية، حجتنا في ذلك يضيف حجيمي أن العديد من الدول الأوروبية اعتمدت هذا النموذج المالي للسمو باقتصادها، معتبرا الإعلان الرسمي لفتح شباك الصناعة المالية الإسلامية الذي حظي به البنك الوطني الجزائري من بوادر الخيرة التي سوف تفتح حسبه آفاقا واعدة لمستقبل المصارف الجزائرية، وهو إنجاز كبير كما قال بإمكانه أن يساهم في إزالة اللبس على الكثير ممن يريد التعامل بما يمليه الشرع الإسلامي في مشاريعه. وقال حجيمي إن تطبيق المعاملات المالية الشرعية السليمة يجب أن تعقبها جملة من الإجراءات حتى نعزز عامل الثقة بين المتعامل ومصرفه، وفي طليعتها يضيف ذات المسؤول ترك المهمة للكوادر المالية المتخصصة في الصيرفة الإسلامية، عملا بمن سبقونا في هذا المجال، تسيرها هيئة شرعية تحميها قوانين الجمهورية بصورة رسمية، حتى لا تكون تؤول إلى الانحراف، فضلا عن ضرورة تشجيع الكفاءات المالية لتبني هذا النوع من التعاملات ومنحها كل التحفيزات للعمل أكثر، مع أهمية إشراك الطلبة الذين يزاولون دراستهم في الكليات الاقتصادية فرع الصيرفة الإسلامية والاستفادة منهم وتعزيز القطاع بهم، داعيا رئيس الجمهورية إلى الاستثمار في قضايا الوقف التي تمثل 4/1 وجعلها مستثمرات تعمل بالتوافق مع الشريعة الإسلامية، ومحاسبة كل من يريد الإخلال بالصناعة المالية الإسلامية من المدير العام إلى وزير القطاع.

 

دليل إعلامي للهيئة الشرعية للإفتاء للصناعة الإسلامية

وصدر عن المجلس الإسلامي الأعلى الدليل الإعلامي للهيئة الشرعية الوطنية للإفتاء للصناعة المالية الإسلامية، التي تم تنصيبها بداية شهر رمضان الماضي، الدليل تضمنه العدد الرابع عشر من كراسات المجلس التي تصدر دوريا عن مديرية التوثيق والإعلام للمجلس. وقد احتوى الدليل على أهم المعلومات عن الهيئة الشرعية الوطنية للإفتاء للصناعة المالية الإسلامية تنفيذا للنظام رقم 20-02 المؤرخ في 15 مارس 2020 عن البنك المركزي، وهو النظام المحدد للعمليات البنكية المتعلقة بالصيرفة الإسلامية وقواعد ممارستها من طرف البنوك والمؤسسات المالية الصادر في الجريدة الرسمية رقم 16. كما يحدد هذا النظام للهيئة الشرعية الوطنية للإفتاء للصناعة المالية الإسلامية، صلاحية منح شهادة المطابقة الشرعية للبنوك والمؤسسات المصرفية، وستكون مهمة الهيئة مساندة البنك المركزي في توطين الصيرفة الإسلامية بالجزائر.

الدليل الإعلامي للهيئة تضمن أيضا المقرر المنشئ للهيئة الشرعية الوطنية للإفتاء للصناعة المالية الإسلامية، التي مقرها المجلس الإسلامي الأعلى، كما يبين نظام وقواعد عملها، وبالذات دراسة الملفات وآليات منح شهادة المطابقة للبنوك والمؤسسات المالية. كما احتوى الدليل الإعلامي للهيئة الشرعية الوطنية للإفتاء للصناعة المالية الإسلامية، الكثير من المعلومات التفصيلية عن الهيئة وتشكيلتها، ليكون مرجعا توثيقيا واتصاليا تعمل مديرية التوثيق والإعلام للمجلس، على جعله تحت تصرف الباحثين والاقتصاديين والإعلاميين.

مقالات متشابهة