11 يونيو، 2020
الحوار الجزائرية
اخبار هامة ثقافة

مختصون يؤكدون: الكثير من أعمال واسيني مكررة ولم تصنع الاختلاف

يجتمع كل من عرف الروائي الجزائري الكبير واسيني الاعرج على تواضعه واتساع صدره لقرائه والأقلام الشابة التي تشهد له بالدعم والمساندة، حيث ظل واسيني الاعراج الذي تجاوزت اعماله سماء الوطن العربي الى العالم الغربي حيث ترجمت اعماله لعديد اللغات من بينها الفارسية والفرنسية والانجليزية والعبرية..

و لعل اهم ميزة طبعت روايات الاعرج كونها تنطلق من الواقع وتنهل من اليومي وتنهب الهامشي في صياغات فنية مختلفة. صنعت اعمالا يراها البعض تجاوزت مستوى الكتابات العربية بما تحمله من قيمة فنية وجمالية وفكرية، فيما يراها اخرون اعمالا مكررة تختلف من حيث الاسماء وتتشابه في الافعال.

 

  • الرواي محمد بن زخروفة:

واسيني الأعرج فاق في توهجه السماء العربية

في حقيقة أمر أعتقد أنه سواء في الأدب أو حتى في مختلف العلوم، أن لكل بلد وفي حقبة زمانية يعيشها أفراده، هناك رموزا وأعلاما يشار إليها بالبنان، لا أخفي عليك، وفي إشارة إلى الجزء الأول من سؤالك حول ما يتميز به المنجز الادبي للدكتور واسيني الأعرج، وكرأي شخصية لا ألزم به أحدا أن لهذا الأخير مستوى يمكن أنه فاق في توهجه السماء العربية، الكاتب واسيني الأعرج أصنفه من النخبة العالمية في كتابة النصوص الروائية، ولا يمكن أن تشهد على هذا النجاح سوى نصوصه التي انتشر بريقها في كثير من البلدان العربية أو العالمية بعد الترجمة، لذلك أقول إن الكبير واسيني الأعرج هو قامة أدبية شهد ويشهد لها بالتميز الدائم.

أما فيما شخص واسيني الاعرج، ربما في هذه النقطة أن أمنح إضافات قل من يمتلكها من الشباب المبدع في مجال الكتابة، وذلك في الحقيقة راجع إلى اللقاءات المتكررة التي جمعتني بشخص واسيني الاعرج سواء في الملتقى الدولي للرواية أو في المعرض الدولي للكتاب، حقيقة أشهد لهذا الإنسان أنه يملك قلبا محبا واسعا وأذنا صاغية وروحا خطابية تنشرح لها الصدور، أبدا جلساته لا تمل، أذكر يوما وفي أحد فنادق العاصمة وعلى هامش الملتقى الدولي للرواية، جلسنا مساء في صالة الفندق ورحنا نخوض في المسائل الأدبية التي أراه يحيط بمعظم جوانبها، بقيت خلالها انا المستمع وهو المتكلم الوحيد، مر بنا الوقت سريعا جدا وهو يتسلل بذاكرته إلى أيام الراحل الطاهر وطار وأمور أدبية أخرى، أيقنت فعلا أن هذا الرجل له قلب متشبع بالمحبة، ولا أظنه في الحقيقة يمتلك ضغينة أو حقدا تجاه أحد، عكس ما تروج لك بعض الصحف الإعلامية، أدركت حينها أنه يتوجب على أي انسان يريد إدراك حقيقة شخص ما أن يغوص في إنسانية هذا الشخص لا أن يأخذ آراء الناس صبغة لرأيه.

و عن قضية ميولاته المشرقية التي ينتقد عليها الكثيرون، فأنا أرى ان لكل وجهة هو موليها، كل واحد يجد طيبة خاطره في مكان ينبت على أرضه إبداعه من جديد، ماذا يفعل واسيني أو غيره في أرض لا تصلح لإثراء إبداعه وإنعاش خاطره؟ المشرق والمغرب سواء في الفكر أو الإقامة والإبداع يمثلان مناخا جيدا لمن يراه كذلك، ما يهم هو تلقف جو صالح لزرع إبداعنا. ولكن جوا إبداعيا مقدسا، أحيانا لو ننزع عنه هذا الفضاء يمكن جدا أن نفقده توازنه الإبداعي.

  •  الدكتور القاص علاوة كوسة:

أعمال واسيني اختلفت في أسمائها وظلت أفعالها متشابهة

واسيني الاعرج، هو الأديب الروائي الباحث الأكاديمي الذي أحاط بعوالم الرواية الجزائرية نقدا وبحثا أكاديميا في بداياته قبل أن تسرقه الرواية والإبداع، ليعلن في أكثر من محفل أدبي بأن الكتابة خيار، وأنه اختار الرواية وترك غيرها من الفنون الأدبية، فجاء هذا السيل الجارف من الروايات التي صارت حولية تنتظرها رفوف الصالونات الدولية للكتاب كل عام، وينتظرها قراؤه الذين يتابعون جديده سنويا، وظلت الروايات الأولى لواسيني تنطلق من الواقع وتنهل من اليومي وتنهب الهامشي في صياغات فنية مختلفة، تتكرر أحيانا وتتشابه من حيث اللغة والشخصيات التي كثيرا ما تغيرت أسماؤها وبقيت أفعالها متشابهة، فبقدر المسار الطويل العريض لواسيني وبقدر تجربته الكبيرة اللافتة المتميزة تكررت كثير من أعماله ولم تصنع الاختلاف، وعرج بعدها في أعماله الأخيرة على التاريخ ليستلهم منه ويستفيد ويحور كثيرا من أحداثة وفق متطلبات العصر الفنية ووفق رؤى ثقافية معاصرة لا يتسع المجال لتصنيفها في خانة التجريب أو التخريب أو المسايرة والمداهنة لجهة ما على حساب جهة.

إنسانيا يبقى واسيني من الكتاب الجزائريين والعرب الكبار الذين ظلوا متواضعين. فاتحين قلوبهم لمحبة الجيل الجديد من الأدباء وموسعين صدورهم لما يقال في كتاباتهم وشخصهم، ويظل قريبا من الواقع المعيش ومن تفاصيل مجتمع انطلق منه وكتب عنه ويعود إليه.

أما عمن يتهمه بانحيازه للمشرق على حساب الغربي تماما فهو مستلهم من التراث الغربي ومن الكتابات الغربية المعاصرة وأحد الباحثين الكبار في الجامعات الغربية كقامة علمية مشهود لها، لكنه انفتح على بعض المؤسسات الثقافية الخليجية بالخصوص في تتويجه ببعض جوائزها، وهذا خياره الذي علينا احترامه، وفي نظري أن تلك الجوائز كبرت بواسيني وكان إضافة لها وليس العكس ولم يكبر بها، فشهرته سبقت تلك الجوائز والمؤسسات بأعوام.

 

  • الدكتورة حفيظة طعام:

واسيني يتخذ من التاريخ وسيلة لفضح المسكوت عنه في المجتمع

تختلف عوالم الذات المبدعة عن عوالم الذات العادية، ولعل الدخول إلى عوالم المبدع شيئا يثير كثيرا من الشغف ويطرح كثيرا من التساؤلات، نظرا لكونها عوالم تتراوح بين الخيال والواقع، وتحلق بالمتلقي في فضاءات مختلفة يمتزج فيها العجائبي بالواقعي، وينفتح فيها أفق الخيال على مصراعيه. هذا طبعا مع اختلافات تلك العوالم من مبدع إلى آخر، ولعل المحلق في عوالم الكاتب والروائي الكبير واسيني الأعرج صاحب روائع روائية ساحرة تخطت جمالياتها حدود الوطنية لتصل حدود العربي فالعالمي يجد كثيرا من المتعة وهو يتأمل أصابع لوليتا أو يتقلد طوق الياسمين أو يجول ساحات مملكة الفراشات أو يرتقي إلى مقام سيدة المقام هناك حيث يؤدي طقوس قراءة مختلفة وهو يتمعن في مريم وهي تؤدي رقصة الموت…

واسيني لعرج ابن مدينة تلمسان، وبالتحديد ابن إحدى قراها، سيدي بوجنان، يعتبر أحد أهمّ الأصوات الروائية في الوطن العربي، لقيت كتاباته رواجا كبيرا بين القراء، واستطاع أن يشكل لنفسه طابعا خاصا في الكتابة.

انكب واسيني على الكتابة منطلقا من بؤرة المجتمع الجزائري الذي سلط عليه الضوء فاضحا كل ما يحدث فيه من ملابسات وتغيرات، مسجلا ذلك في نصوص روائية قبضت على تلك اللحظات الزمنية الحاسمة من تاريخ المجتمع الجزائري، مشكلا فسيفساء من التاريخي الذي تزين بالفني الجمالي، ليواصل الكاتب كفاحه إبداعيا في زمن المحنة حيث عرفت الجزائر انقلابات في بنيتها التحية، فسجل ذلك في مملكة الفراشات التي حازت على جائزة كتارا للرواية العربية، رواية ترصد ميلاد الحب في زمن الحرب، وتبحث عن منفذ للنجاة، والبحث عن الذات في زمن الموت…

تظل الكتابة هاجسا يلاحق الكاتب في يقظته وحلمه، وكان هاجس واسيني ملاحقة الذات عبر كل تمفصلاتها انطلاقا من ذاته الشاعرة، فهمّه هو الذات أولا، لأنه يدرك أنها منبع كل كتابة جميلة، لذلك تجده تقريبا في كل رواياته يرصد آلامها ويخطط لآمالها محاولا إخراجها من مأزق ما لعله مأزق الكتابة في الأول والأخير.

وفي حديثه عن أشياء حفزته على الكتابة يطير بمخيلته بعيدا ويتذكر أيام طفولته عندما كان يتمتع بحكايات ألف ليلة ولية التي تركت فيه أثرا لا ينمحي…

إن قارئ واسيني الأعرج يصل إلى نتيجة مفادها أن الأدب حتى يكون أدبا لا بد له أن يحمل رسالة إنسانية خالدة، هذا ما سعى إليه وما بثه في نصوصه، ولعل رواية الأمير تكشف هذه الخاصية أكثر عندما اتخذ الكاتب من التاريخ وسيلة لفضح المسكوت عنه ولتبليغ قيم الصدق والمحبة والسلام.

 

  • واسيني الأعرج في أسطر..

واسينى الأعرج من مواليد قريه بوجنان الحدودية عام 1954، وهو كاتب وروائي، ويُعد من اهم الاقلام الروائية في الوطن العربي، شغل منصب أستاذ كرسي بجامعه الجزائر المركزيه وجامعه السوربون بباريس.

كتب الاعرج باللغه العربية والفرنسية، وتنتمي اعماله الى المدرسة الجديدة التي لا تستقر على شكل ثابت، بل انه دائما يبحث عن سبل تعبيرية جديدة، تجلت قوة واسيني التجريبية التجديدية بشكل واضح في روايته التي أثارت جدلا نقديا كبيرا، والمبرمجة اليوم في العديد من الجامعات في العالم: “الليلة السابعة بعد الألف” بجزأيها: “رمل الماية” و”المخطوطة الشرقية”. فقد حاور فيها ألف ليلة وليلة، لا من موقع ترديد التاريخ واستعادة النص، ولكن من هاجس الرغبة في استرداد التقاليد السردية الضائعة وفهم نظمها الداخلية التي صنعت المخيلة العربية في غناها وعظمة انفتاحها.

حصل واسيني الأعرج على الكثير من الجوائز منها، جائزة الروايه الجزائرية عن مجمل اعماله عام 2001، كما حصل على جائزة المكتبيين الكبرى عام 2006 عن روايته (كتاب الامير)، كما حصل على جائزة الشيخ زايد للاداب عام 2007، وكذا جائزة الكتارا سنة 2015. ترجمت اعمال واسيني الأعرج الى كثير من اللغات منها الفرنسيه والايطالية والانجليزية والالمانية والدنمركية والعبرية والاسبانية.

ألف واسيني الكثير من الروايات من اشهرها (طوق الياسمين) و(الليلة السابعة بعد الألف) و(كتاب الأمير).

تميزت تجربة الروائي الجزائري واسيني الأعرج بكونها تجريبية، فهو يسعى دائما إلى التجديد في كل رواية يقدمها. المدن والأنثى والوطن، من أبرز القضايا التي ميزت أعماله الأدبية، التي كان آخرها “نساء كازنوفا”.

إعداد: نزار عبد الرزاق

مقالات متشابهة