22 يونيو، 2020
الحوار الجزائرية
ثقافة

عين على الشاشة

عين على الشاشة
تفاهة رامز ورسالية غيث

بقلم الطيب توهامي

لم أعد أشعر بالغبطة وأنا أكتب عن برامج المقالب أو الكاميرا الخفية، بل ينتابني اشمئزاز وأنا أرى وأشاهد المستوى الضحل الذي وصلنا إليه. أرقى هذه البرامج وأقواها إنتاجيا هي البرامج التي يعدها ويقدمها رامز جلال، والتي تتوفر على كل مقومات النجاح الفني، لكن المضمون كل سنة يثبت أنا هذا الشخص مجنون رسمي. لن أتحدث عن رامز، بل أتحدث عن أصحاب النفوذ والمال الذين يدعمون مثل هذه البرامج، هم يعرفون جيدا مدى تأثير القوة الناعمة على مدارك الجمهور، وهم يدركون جيدا الأجندة الإعلامية التي يخدمونها، والأهداف التي يسعون لتحقيقها. هم يريدون مجتمعا تحت التنويم المغناطسي.. يريدون مجتمعا مستهلكا للعنف في أعلى مستوياته، لينعكس هذا العنف فيما بعد على تصرفاتنا وسلوكاتنا، وفي النهاية يتمكن الغرب من رسم الصورة العنفية التي يريدها لنا.. وفي النهاية، لا يهم الغرب بقدر ما تهم الرؤية التي تسعى إسرائيل لرسمها عن المجتمعات العربية والإسلامية.
مخطئ من يظن أن هذه البرامج ومختلف المحتويات الكبرى تأتي هكذا منفصلة واستثنائية، لأنها في الحقيقة مرتبطة بصناع محتوى غربيين محترفين، يعرفون جيدا ما يجب تقديمه لنا من مادة، وما يجب تسويقه عنا في الوقت المناسب.. أجندات محسوبة بدقة ولها أهدافها قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى.. اليد الإسرائيلية والغربية تحكمت بشكل كبير في المحتويات الإعلامية والفنية التي نستهلكها في رمضان وفي غير رمضان، ويكفي أن نلقي الضوء على شركات الخبرة التي تتعاقد معها كبرى القنوات العربية، كي نصل في النهاية إلى هذه الحقيقة المرة. لكن ذلك كله لا يعني أن كل المواد الفنية والإعلامية متحكم فيها، بل هناك مواد تغرد خارج هذه الأجندة، منها على سبيل المثال برنامج “قلبي اطمئن” الذي صنع قاعدة جماهيرية عريضة، رغم أنه ليس ببرنامج إثارة أو يسوق لنجوم معروفين، بل هو مبادرة خير يتبناها الهلال الأحمر الإمارتي، تعطينا درسا في الإعلام الهادف الذي يستطيع الوصول إلى قلوب الملايين، وفق أهداف قوية وطموحة تكسر تلك الصورة النمطية التي رسمها الغرب عنا وشارك في رسمها. ذلك الشاب غيث كسر صورة الشاب العربي المستهتر والضائع وسط آلة الرأسمالية، بل هو شاب يعي ما يفعل، ويعرف دوره جيدا، ويقدم رسالته الإعلامية وفق مضمون إنساني، موجه الغرب كما هو موجه للعرب والمسلمين. أجندة أصيلة وراقية يصنعها هذا الإعلام البديل، نتمنى أن تتقوى شوكته ماديا ومعرفيا، لإزالة تلك البرامج التافهة من على منصات الشهرة والصيت الواسع، وهزمها بالضربة القاضية.
يتبع

مقالات متشابهة