4 أغسطس، 2020
الحوار الجزائرية
ثقافة منوعات

مراجعة قانون النشر..ضرورة ملحة

 

 

كتاب وناشرون يستعرضون واقع التوزيع في الجزائر..ويؤكدون لـالحوار“:

مراجعة قانون النشر..ضرورة ملحة

 

استطلاع: سمير تملولت / آمال عبادة

 

أجمع أغلب من جمعت الحوار وجهات نظرهم بخصوص واقع النشر والتوزيع في الجزائر، على أن القطاع يواجه صعوبات جمة، بل وصل إلى مرحلة جد حرجة على حد تعبير بعضهم، خصوصا في ظل عدم وجود قانون جاد لترقية هذا النشاط والفوضى التي تلازم القطاع، وهذا ما يتطلب حسبهم إعادة النظر في منظومة النشر والتوزيع، وتكييف القوانين مع الواقع الحالي، وتنصيب لجان مكلفة بقراءة ما ينشر، وتشجيع الاستثمار في هذا الميدان، مع ضرورة إشراك ممثلين عن مستخدمي القطاع كنقابة الناشرين واتحاد الكتاب، وغيرها من الهيئات التي يجب أن يكون رأيها مسموعا لدى الهيئات الوصية على هذا القطاع.

 

نجم الدين سيدي عثمان.. إعلامي وروائي:

الوضع يتطلب إعادة نظر في منظومة النشر

وضع النشر في الجزائر مزرٍ، قلة من دور النشر تشتغل، قلة قليلة من توزع، ونادرة هي دور النشر التي تحقق أرباحًا موازاة مع تراجع المقروئية وإغلاق المكتبات، الوضع يحتاج إلى إعادة تنظيم لأنه من غير المعقول أن يكون هناك 1000 دار نشر، بينما في الحقيقة لا نعرف عشرة دور لا غير تنشر كتبًا مهمة، بينما البقية لا نعرف عنها شيئًا سوى عندما يقترب معرض الكتاب الدولي، إذ تعمل خلال عشرة أيام ثم لا نراها عقب ذلك. وفوق ذلك هناك فوضى النشر، وتحول العديد من المطابع إلى دور نشر، بمقابل مالي يمكن نشر أي تفاهة مع طبعها بكلمة (رواية) أو (شعر)، هذا الأمر أدى إلى انحدار كبير في توجه القراء، فقدت قرأت كتابا تافهًا للغاية وصل إلى الطبعة الـ14، دون أن يكون هناك ما يمكن أن يجعله يستحق هذا الاهتمام، بينما كتب مفيدة أو روايات نالت جوائز كبرى لا تحصل على أكثر من ألف قارئ إن وجدوا، هناك وضع غامض وضبابي.

هذا الوضع يتطلب إعادة النظر في دور النشر، وتكييف القوانين من جديد لوقف ظاهرة المطابع وتنصيب لجان مكلفة بقراءة ما ينشر، لأنه من غير المعقول أن نقرأ كل هذا الهراء الذي ينشر، دون أن يكون هناك غربلة ولا جهة تتولى التقييم، باعتقادي الوضع يتطلب إعادة نظر في منظومة النشر.

 

عبد الرزاق طواهرية.. روائي:

على الوزارة الوصية التّحرك لدعم وإعانة الكتاب

تعيش الجزائر مؤخرًا حركة نشر كبيرة افتعلهَا جملة من الكتاب الشباب، قد نعتبر الأمر مؤشرًا إيجابيًا للنّهوض بالمشهد الثقافي الجزائري، ولكن الحقيقة تظهر عكس ذلك، فمشكلة التوزيع التي لا تزال تعاني منها المكتبات الجزائرية ودور النشر على حد سواء، ستتفاقم في حالة زيادة الإنتاج الأدبي من الكتب، خصوصًا إذا كان لا يرقى للمستوى المطلوب، فالكتب التي تنشر الرّداءة من المؤكد أنَّ المكتبات لن تستقبلهَا وسترفض توزيعهَا، لأن مجرد استقبالهَا سيؤدي إلى اكتظاظ الرفوف دون تحقيق الأرباح المرجوة، وهنا يظهر العيب الذي لا بد من تداركه، وهذا بتحفيز دور النشر على قبول الأعمال القيّمة مقابل رفض الأعمال الضعيفة مع نصح أصحابها بالمحاولة مرّة أخرى.

من جهة أخرى نجد أن أغلب دور النشر الحديثة التي ظهرت أصبحت تخصُّ عملها بالنشر والطباعة أو النشر والترجمة فقط، دون اهتمامها بالتّوزيع وهذا أمر مبالغ فيه وجب تداركه، لأن الكاتب الناشئ لا يدري بأمور التوزيع حتى يتكفّل بها، خصوصا إذا كان طالبا أو موظفًا لا يسعه الوقت للتنقل وبيع نسخه في جلسات التوقيع التي توفرها الأندية والجمعيات الثقافية.

أرى أنَّ وزارة الثقافة عليها التّحرك على الأقل لإعانة الكتاب المنخرطين في الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، على توزيع أعمالهم محليًا ولم لا دوليًا، بشرائها لعدد معين من نسخ كتبهم التي تستحق، والتكفل بإيصالها إلى المكتبات والسعي للترويج لها دعما لهم على المواصلة.

 

خديجة تلي.. كاتبة وشاعرة:

الضحية الأكبر في كل الحالات هو الكاتب

كلنا نعمل بشكلٍ أو بآخر على تشجيع القراءة والمقروئية في الجزائر كما في غيرها من الدول الأخرى، وخوض العديد من الكتاب مؤخرا غمار إنشاء دور نشر لهو نقلة نوعية عرفتها الساحة الثقافية، وساهم كثيرا في جعل الحلم حقيقة لدى فئة كبيرة من الكتاب الشباب الذين كان أقصى طموحاتهم نشر إبداعاتهم ضمن كتاب، والصالون الدولي للكتاب في طبعته الرابعة والعشرين الـ24 أكبر دليل على ذلك، حيث شارك أزيد من 298 دار نشر جزائرية وهو ما يؤكد أن الجزائر بلد يكتب وينشر. غير أن العائق الأكبر أمام دور النشر كما الكتاب على حد السواء هو مشكل التوزيع، لا دور النشر قادرة على ضمان توزيع جيد للكتاب الذي تقوم بطبعه ونشره، ولا الكتاب خاصةً الجدد منهم باستطاعتهم فعل ذلك، إلا من خلال بعض جلسات البيع بالتوقيع التي تنظمها له الدار الناشرة أو في بعض التظاهرات الثقافية، وذاك مرجعه لقلة المكتبات من جهة وضعف ثقافة القراءة من جهة أخرى ما جعل البعض الآخر من المكتبات يَعزف عن التعامل ببيع وشراء الكتب.

وبين هذا وذاك فالضحية الأكبر هو الكاتب الذي ينفق أحيانا مبالغ كبيرة لأجل طبع كتابه ليجد نفسه أمام 200 نسخة على أقل تقدير دون توزيع ودون أن يُقرأ كتابه في مناطق أخرى من الوطن.

 

رضوان غضبان.. كاتب وإعلامي ومدير عام مؤسسة (نقطة بوك) للنشر والتوزيع:

قانون 15-13 غير عادل.. والكتاب لم ينالوا ما يستحقونه من خلاله

أرى من وجهة نظر شخصية أن الكتاب عموما في الجزائر وصل إلى مرحلة جد حرجة، خصوصا في ظل عدم وجود قانون جاد لترقية هذا النشاط، فعندما نتحدث عن القانون رقم 15-13 المؤرخ في 15 جويلية 2015، فإننا نتحدث عن قانون قد نعتبره غير كامل شكلا وموضوعا، فهو لم يقدم شيئا، ولا تطبيقه قدم شيئا لقطاع النشر والتوزيع، بل العكس أثبت عن ما تكلم عنه عديد المدراء والمسيرين لدور النشر الجزائرية، حيث أشاروا في وسائل الإعلام إلى كونه سيضر هذا القطاع، وهو بالفعل ما حدث، فإننا اليوم نتكلم ومنذ تنفيذ هذا القانون عن عديد دور النشر التي وضعت بصمتها تشهر إفلاسها أو تجمد نشاطاتها إلى أجل غير مسمى، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن الكتاب أيضا لم ينالوا ما يستحقونه من خلال هذا القانون حيث أنه لا يحدد مفاهيم كثيرة جدا بهذا الخصوص. وأرى أنه وعلى الرغم من انتشار صفحات ومجموعات الفايسبوك التي تشجع وتحث على القراءة في الجزائر والتي خدمت نوعا ما ميدان النشر وأنعشته قليلا إلا أن المدرسة الجزائرية والمنشآت العمومية المتعلقة بالثقافة لا تقوم بدورها الفعلي من أجل خلق جيل يقرأ، وهو موضوع يعود بالسلب على ميدان التوزيع الذي يتخبط هو الآخر فيه الناشر في مشكلات عديدة.

وفي رأيي، وكي لا نضع المشاكل من غير حلول فإنني أرى أنه من الضروري أن يعاد النظر في تنظيم سوق الكتاب في الجزائر وتشجيع الاستثمار في هذا الميدان، مع ضرورة إشراك ممثلين عن مستخدمي القطاع كنقابة الناشرين واتحاد الكتاب وغيرها من الهيئات التي يجب أن يكون رأيها مسموعا لدى الهيئات الوصية على هذا القطاع.

 

يسين قعودة.. مدير دار (أدليس بلّزمة) للنشر:

الاحترافية في النشر داخل الجزائر حلم صعب التحقيق

من خلال تجربتي المتواضعة في عالم النشر الفسيح، أستطيع أن أضع بعض الملاحظات حول واقع النشر في الجزائر، والتي ستكون خلاصتها أن – مشكلة النشر في الجزائر هي مشكلة الثقافة بشكل عام-  النشر في الجزائر مثله مثل باقي بلدان العالم يتم عبر ثلاثة أنواع من العقود –هاته العقود التي تمثل التعهد المكتوب الذي يحفظ حقوق الكاتب والناشر- الأول: عقد على نفقة الناشر، وفيه يتحمل الناشر فيه تكاليف العمليات المرافقة للنشر، ويحصل الكاتب على نسبة مئوية لا تتعدى 10 بالمائة من سعر الكتاب المرجعي. الثاني: عقد مناصفة، حيث يتم بناء عليه اقتسام النفقات والأرباح بين الكاتب والناشر حسب ما يحدده الناشر. أما الثالث وهو الأشهر، هو عقد على نفقة الكاتب، إذ يتحمل فيه الكاتب نفقات العمليات المرافقة لنشر عمله ويحصل على نسب مرتفعة من الأرباح.

لماذا العقد الثالث هو الأكثر شيوعا وتعاملا به؟ هذا يحيلنا على العديد من المعطيات التي يجب أن نذكرها لفهم الوضعية جيدا:

بعيدا عن إحصاءات رسمية غائبة فإنني كناشر أرجح احتلال النوع الأخير صدارة التعاقدات مع الكتاب – خاصة الجدد منهم – ويعود ذلك إلى عدة أسباب من بينها الإمكانات المادية المتواضعة لدور النشر – خاصة الجديدة منها – والتي لا تسمح لها بأي شكل من الأشكال تحمل تكاليف طباعة ونشر العديد من الأعمال كل موسم، الخوف من الاستثمار في مجال لا يدر الكثير من الأموال خاصة مع تناقص إيرادات بيع الكتب سنة تلو الأخرى نتيجة ارتفاع أسعار الطباعة وانخفاض الإقبال على المادة الكتبية، إقبال الكتّاب الشباب على هذا النوع من العقود نتيجة قبول جل الأعمال التي تندرج تحته ولو كانت ركيكة ودون المستوى المطلوب في عقد على نفقة الناشر.

وبعين المراقب نشاهد غيابا تاما للدعم المادي والمعنوي لهاته الدور من قبل الوزارة الوصيّة وتوجهها نحو الإنفاق –بالملايير- على الحفلات والمهرجانات والفولكلورات التي تستقطب جمهورا معتبرا. أرقام فلكية لا يُنفق عُشُرُها على الكتاب والنشر رغم تخصيص الوزارة لميزانية معتبرة –لا يعلم أحد أين ولمن تذهب؟- لهذا المجال. إضافة إلى ذلك تواجه الناشر عراقيل لا تنتهي إن أراد تسويق إصداراته إلى دول مجاورة، أولها ترسانة قوانين صارمة تخص التصدير وآخرها مضايقات جمركية لا تنتهي، تنفر الناشر من الاتجاه صوب الخارج. وبين غلاء الورق– يرافقه ارتفاع أسعار الطباعة- ونقص الإشهار وانخفاض الإقبال على الكتب– يعود ذلك بالدرجة الأولى إلى تواضع المدخول الفردي- تبقى الاحترافية في النشر داخل الجزائر حلما صعب التحقيق.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

>

 

 

 

مقالات متشابهة