10 يونيو، 2020
الحوار الجزائرية
مساهمات

الانهيار الأسطوري ” الخام الأمريكي تحت الصفر”

بقلم : الدكتور عمر هارون

الإنهيار التاريخي الذي حصل في العقود الآجلة* حيث وصل إلى 37- دولار للبرميل، لخام غرب تكساس سببها رغبة المضاربين** في التخلص من الفائض الموجود لديهم من العقود التي لم تنفذ ولن تنفذ نظرا لدخول إتفاق أوبك + حيث التطبيق في 21 أفريل الجاري، تحضيرا لشهر ماي القادم والذي يتحدث عن تراجع الإنتاج العالمي ب 9.7 مليون برميل يوميا (والذي لن يكون كاف فالعالم محتاج لتقليص 30 مليون برميل يوميا  )

ومع تراجع الطلب الدولي ومسارعت المنتجين الى بيع نفطهم قبل بداية اتفاق أوبك+ *** حيث تبدأ التداولات على شهر ماي من الغد، فإن المضاربين سارعوا لشراء كميات كبيرة من الاحتياطات المنتجة ومحاولة تداولها بأسعار مخفضة مقارنة بما ستكون عليه في ماي المقبل، فالمنتج يريد بيع ما أنتج بأي ثمن والمضارب يريد المضاربة للتربح من خلال اغراء الآخرين بنفط رخيص وهو ما خلق فائض كبير في السوق الدولية قد يكون تجاوز 13 مليون ومع وجود تخمة في الاحتياطات، تحول الامر إلى عرض دون طلب

وهذا ما خلق كميات هائلة متداولة في الأسواق، وفق صيغة العقود الآجلة، والتي تكون على شكل عقود تباع الآن وتنفذ في المستقبل مع تدخل وسيط ضامن يحتفظ بقيمة ضمان ما بين 5 و 15% من قيمة العقد لضمان يدفعها البائع والمشتري كضمان إلى حين تاريخ التنفيذ، فإن خسائر البائع لا تتمثل فقط في إمكانية عدم البيع بل أيضا في خسارة قيمة الضمان في حال عدم التنفيذ، وأما المشتري فإنه إن لم ينفذ العملية فإنه يخسر قيمة الضمان المدفوعة للوسيط.

ورغم ضعف هذا السيناريو إلا أن البعض يتحدث عن قدرات تخزينية كبيرة موجودة لدى بعض الأطراف وأنها استثمرت في الوضعية وستقوم بالاستفادة من هذه الوضعية وتخزين أكبر كمية من النفط لبيعها في العقود الآجلة لشهر جويلية وأوت والتي لا تزال في حدود ال60 دولار وهو ما قد يمكنكم من الحصول على أرباح خيالية قد تصل ل 2000 بالمئة إن كان هذا السيناريو الذي ينتمي لنظريات المؤامرة صحيحا .

ومما سبق حصل في السوق انفجار فقاعة في سوق التداول، فبدأ المضاربون في عرض عقود نفطهم المشترى بسعر منخفض، وبدأت الكميات تزيد والأسعار تنخفض إلى أن أصبح لا وجود لمن يشتري هذه العقود، عرض دون طلب، لكن في المقابل ستكون هناك ضمان مدفوع للوسطاء يجعل عدم التنفيذ من البائع تكلفه دفع العمولة، وهو ما يجعل العقد يسعر بشكل سالب، فالحقيقة أنه لم يباع بالخسارة بل أن هناك تكلفة لعدم التنفيذ، وفي حالتنا فإن البائع يختار عدم التنفيذ ويتكبد الخسارة المتعلقة بالضمان المدفوع، على أن يتفق مع المورد فيما بعد لتقليص الخسائر، ومنه فالمضارب إن تمكن من الاتفاق مع المنتج قد يحد من حجم خسائره، من خلال تأجيل توريد ما اتفق عليه

وبالعودة للجزائر، فإن هذه الحالة حصلت في النفط الأمريكي الذي يختلف عن النفط الجزائري من نواحي عديدة، ابرزها، البورصة التي يتم فيها التداول، وبالتأكيد سيكون هناك تأثير على نفطنا وتراجع في اسعاره، لكنه لن يصل إلى ما وصل إليه النفط الأمريكي ( خام برنت لا يتجاوز ثلث الانتاج العالمي من النفط) ومع ذلك قد يعود بداية من الغد النفط الأمريكي إلى مستوى فوق 11 دولار لعقود جوان، نظرا لبدأ تداول حصص شهر ماي التي تدخل في اتفاق اوبك+

*وهي الصيغة الأمثل لتداول النفط من خلال عقود تباع في اللحظةt وتنفذ في اللحظة t+1، فلا يمكن شراء النفط اليوم والحصول عليه اليوم غالبا، إلا في حالة الربط بالانابيب .

** المضارب لا يكون بالضرورة هو منتج النفط، بل طرف مرتبط بشركات المنتجة للنفط، حيث يقوم بعملية المضاربة في السوق، في حين أن المنتجين يرتبطون عادة مع المضاربين بعقود طويلة وثابتة .

*** محاول بيع الكميات المنتجة فليس كل ما أنتج قبل هذه المرحلة تم يبعه

بقلم الدكتور عمر هارون

 

omarharoun88.com

بتاريخ 20/04/2020

مقالات متشابهة